12 - 05 - 2025

مؤشرات| القطن وحكومة الجزر المنعزلة

مؤشرات| القطن وحكومة الجزر المنعزلة

غريب أمر هذه الحكومة، فقد خرجت علينا مؤكدة أنها تعمل على احياء زمن الذهب الأبيض، وستتسلم الأقطان من المزراعين، ففرح الناس علىى أساس أن صناعة الغزل والنسيج ستعود لعصرها الذهبي، ونغني للقطن من جديد.

وفرحنا جميعا وسطرّت في هذا المكان كلمات تعبر عن فرحتنا بعودة أقطاننا، وتحمس المزراعون سريعا لمحصولهم القديم، وتوسعوا في زراعة القطن ليتجاوز 360 ألف فدان في الموسم الحالي بزيادة 130 ألف فدان عن العام الماضي.

وبعد كل هذا تأتي حكومتنا الرشيدة "وتلحس كلامها"، وتتراجع عن استلام المحصول ، تحت دعوى أنه غير مستعدة لاستلام الأقطان، بل خرج وزير قطاع الأعمال العام ليقول إن المحالج لم يتم تطويرها، وأمامنا سنوات ليتم انجاز ذلك، بل الأغرب أن مصانع النسيج الخاصة والعامة قالت أنها ليست بحاجة للقطن، ثم يأتي وزير الزراعة ليضيف أن العام المقبل "الموسم المقبل" سيشهد تخفيضا لمساحات القطن.

هل هذا معقول من حكومة أبلغت المزارعين منذ عام أنها بحاجة إلى كميات قطن إضافية بالتوازي مع تطوير المحالج، والمصانع، ودعتهم لزراعته، ثم تأتي بعد ذلك وتتهرب من مسؤولياتها، وتضع "المعذبين" في الأرض من الفلاحين تحت رحمة رضاها.

ومن غرائب مواقف الحكومة، أنها أعلنت أسعار استلام محصول القطن من المزارعين قبل موسم الزراعة، وهذا ما شجع المزارعين على زيادة الرقعة المنزرعة، وبعد موسم الحصاد تراجعت الحكومة ولم تلتزم بالأسعار المتفق عليها بشأن استلام المحصول بحجة أن الأسعار العالمية تشهد تراجعا والسعر المحدد، وهو 2700 جنيه لن يكون مجديا بالنسبة لهذه الشركات، ولهذا أحجمت عن الاستلام على الرغم من الأسعار العالمية لن تستمر منخفضة بهذا الشكل.

أليس هذا كذبا وتدليسا، ربما لا يقل عن مفهوم "النصب"، بل إن مثل هذه المواقف ستؤدي إلى عزوف الفلاحين عن زراعة القطن فيآ المستقبل، وأصبح فقدان الثقة في الحكومة أمر غير قابل للنقاش، فكيف يصدق أحد حكومة لا تفي بعهودها، ولا تلتزم بما تقول، وكيف نأتمن على نفوسنا معها؟!

وصدق النواب الذي أثاروا الموضوع في حضور كلآ من الدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة، والدكتور هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام،عندما أشاروا إلى عدم التزام الحكومة باستلام المحصول سيؤديآ لفقد الثقة بين المزارع والحكومة في باقي المحاصيل التي سيتم إعلان سعر استلام المحصول من الفلاح قبل موسم الزراعة، بالإضافة لتقليل المساحة المزروعة قطنا وبالتالي القطن يصبح مهددا بالانقراض.

ولا يختلف إثنان على أن تدهور زراعة القطن، نتاج طبيعي للسياسات المتخبطة، حيث انخفضت مساحة زراعته من 2 مليون فدان، إلى مائة ألف فدان، وعندما حاولت وزارة الزراعة العودة بالقطن لسابق عصره، وتم الوصول بالمساحات المزروعة قطنا إلى 360 ألف، تسببت الحكومة في أزمة جديدة تهدد تلك الخطوة.

ولاشك ان إعلان أسعار استلام المحصول من المزارعين قبل موسم الزراعة، هو ما شجعهم على زيادة الرقعة المنزرعة، وبعد موسم الحصاد تراجعت الحكومة ولم تلتزم بالأسعار المتفق عليها ، وذلك تحت مبرر مفضوح وهو أن الأسعار العالمية تتراجع.

ومن هنا تأتي أهمية تحديد جهة استلام القطن، مع إلزام الشركة القابضة للأقطان لاستلامه، خاصة مع وصول المساحات المزروعة إلى 500 ألف فدان من النوع كثيف الإكثار، كما أن على وزارة المالية توفير الدعم للشركة القابضة للأقطان بفائدة لا تتعدىآ 5%.

ويبقى السؤال الجوهري، من المسؤول عن الخسائر الكبيرة للفلاحين الذين يمثلون الضحية الأولى والأخيرة، خصوصا أنه ليس لهم ذنب فيما حدث، والمتسبب في الأزمة الحكومة ذاتها، في وقت تصر فيه على العمل في جزر منعزلة.

ومن هنا نكرر ما يقوله المزراعون "ليه الفلاح مظلوم دايما في البلد".
--------------------

بقلم: محمود الحضري


آ 

آ 

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش